الأحد، 15 مايو 2011

نكبة بطعم آخر



" سيدي *  .. ليش المفتاح هادا كبير ودايماً حاطه على الحيطة ؟؟! "
" هذا مفتاح البيارة وبير الميا تعوني أنا وإخواتي في بشيت "
" شو بشيت هادي ؟؟ "
" هادي بلدنا اللي طلعنا منها لما اجوا اليهود "
" وليش المفتاح هادا موجود مدام طلعتوا منها ؟! " 
" عشان انتو حترجعوا في يوم إن شاء الله .. إنتو أو أولادكم "


حوار بيني وبين جدي رحمة الله عليه عندما كنت طفلاً صغيراً لم اتجاوز السابعة
أذكره تماماً وكأنه يحدثني الأن .. 
مرارة كلامه وحرقته على أرضه وقمحه ... وبير الميا ... والبيت الجديد الذي لم يسكنه... ما زلت اذكرها ..
صحيح أن جيلنا لم يعش النكبة ولا الهجرة .. ولكنها ذاق مرارتها وألمها تماما ً وكأننا عايشناها 
ذاق " وجعها "  من عجوز كبير يبكي على قمحه الذي لم يحصده...
من بكاء أم فقدت فلذة كبدها في الهجرة ..
من حسرة في وصف البيارة .. وحقل القمح .. وشوارع البلدة والقرية ...
من جدتي التي حملت " بنتها الوليدة" بفمها وهربت مع أشيائها ....
من دمعه أبي  وحرقة عمي اللذان ذهبا بعد ثلاثين عاماً " لبشيت " فوجدا يهودياً صهيونياً ينعم هانئاً  في نفس مكان " بير الميا "
عشنا النكبة بكل تفاصيلها ... وألمها ...
عشناها وسننقل همها ومأساتها لأولادنا إن لم يكتب لنا أن نرجع ...
سننقلها جيلاً بعد جيل .. ولن ننسى....
وعداً لدمعتك ياجدي ... سنرجع يوماً ..
 لنحصد القمح الذي ما زال ينتظرنا....
" ونشغّل" بير الميا لنروي ظمأ الارض المشتاقة لأهلها ...ونطفأ نار حقدها على من دنسوها ....


أكتب هذا ... في ذكرى النكبة لهذه السنة .. في واقع عربي جديد ...
أسأل الله ان يكون خلاصنا ورجعتنا يوماً قريباً ...


وبرضه سنرجع يوماً 



~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~~
* للي مش عارف , سيدي كلمة فلسطينية قح ** تقال للجد عند الحوار معه :)
** قح بضم القاف صيغة مبالغه بمعنى "جداً "






هناك 4 تعليقات:

  1. أما أنا فسيدي كان يحكيلنا عن بيارات السمسم ..
    و عن قصة حبه مع ستي في طريق الروحة و الرجعة ..

    سنرجع لا بد :)

    ردحذف
  2. فلسطينية تشتاق الوطن16 مايو 2011 في 2:12 ص

    أحايين كثيرة أضحك لأننا الوحيدين الذين نعرف كيف يكون للنكبة أطعمة مختلفة !
    كتبت الأمس عن جنوني، و احتفظت بكتابتي لنفسي ،،، لأنها تشبه جنوني بالعودة ،، كل ما فيها غريب !
    كتبت عن نظراتهم المستنكرة لي و أنا هنا ، حين يسألونني: ستبقين هنا ؟
    و أرد بتلقائية و شوق: سأعود حالما أنتهي من دراستي.
    يحاولون إقناعي بالبقاء، ولكن هيهات، عبثاً ما يفعلون.
    فينا نحن الفلسطينيون شيء لا يعرفونه، فينا حبّ لأرض حتى لو لم نراها!
    ربّما لأننا كبرنا على حبّها من حكايا "سيدي و ستى"
    لذكرى النكبة الــ 63 ،،، أيضاً طعم مختلف بالنسبة لي، ربما لأنني خارج وطني،،،
    أشعر بشوق مزدوج للرملة و غزة و يافا و عكا و القدس معاً ،،،
    أشعر بحرقة لأنني أسافر هنا و هناك و لا أستطيع الوصول إلى أرضٍ تمّ تهجير أجدادنا منها،
    أشعر برغبةٍ شديدة في البكاء عندما أسمع أن زملائي حتى اليهود منهم قاموا بزيارة كلّ المدن ،،، كل المدن التي طالما حلمت بزيارتها يوماً و لم يُكتب لي ذلك بعد.
    نعم هذه الذكرى مختلفة ،،،
    لأن الأمل أصبح أكبر،،، و لأن شيء من كرامتي كعربية بدأ ينادي و يقول : ها نحن عدنا.
    الوعد الذي بيننا و بين أنفسنا: أننا لولم نكن جيل التحرير،،، سنغرس حباً أكبر من حبنا في قلوبنا أولادنا ،،،
    و سنعود
    لنرى بيارات الزيتون و السمسم،
    لنتخيل قصص الحبّ بين الجدة و الجد
    و نرى مكان ميلاد أبي و أمي
    سنعود: لنسكن البيت الذي يسكنونه غصباً و ذات يوم دعوا أبي و أعمامي لتناول الغداء فيه !!!
    سنعود لنكون حقاُ أصحاب البيت لا مدعووين ولا مرهونين بتصريح من صهيوني أو انتظار على حاجز يفصلني و بيت جدّي!
    سنعود و معنا مفاتيح العودة و حبّ لوطنٍ لا يضاهيه حبّ !

    ردحذف
  3. انا بابا بحكيلنا عن البيارات في يافا وعن سيدي الله يرحمه اللي كان يشتغل فيها

    ان شاء الله...ان شاء الله
    سنرجع قريبا...

    ردحذف
  4. هديل :

    قصص حب جدي وجدك وسيدي وسيدك من التراث تاعنا :)
    بلكي لما نرجع ان شاء الله يرجع الحب :)


    فلسطينية تشتاق الوطن يقول...
    أوجزت فانجزت
    كلامك رائع
    :)


    Whisper
    آمين يارب .. أمين :)

    ردحذف